أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، مولاي الحسن الداكي، اليوم الأربعاء بطنجة، أن العدالة الجنائية تعد من الأسس التي تحقق الأمن المجتمعي.
وقال السيد الداكي، في كلمة خلال افتتاح الدورة الخامسة من سلسلة الدورات التكوينية الجهوية المنظمة لفائدة المسؤولين القضائيين عن النيابات العامة ومسؤولي الشرطة القضائية في موضوع “العدالة الجنائية وآليات تجويدها بين متطلبات تحقيق النجاعة وتعزيز القيم والأخلاقيات المهنية”، إن “العدالة الجنائية تعد من الأسس التي تحقق الأمن المجتمعي من خلال ملاحقة مرتكبي الأفعال الإجرامية، وصولا إلى إصدار حكم يحقق الردع الخاص والعام وجبر أضرار الضحايا والمجتمع”.
وشدد السيد الداكي على أن “نجاح العدالة الجنائية يمر لزاما عبر تحسيس الأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون، وباقي مساعدي العدالة بدورهم الإيجابي”، معتبرا أن “الرفع من جودة الأبحاث الجنائية وتحديث آليات وأساليب اشتغالها وتأهيل المكلفين بإنجازها لا يمكن أن يسهم في النهوض بالعدالة الجنائية ببلادنا ما لم يتعزز بإذكاء ثقة أفراد المجتمع فيها، بما في ذلك أطراف الخصومة الجنائية”.
ونوه السيد الداكي بأن هذا الأمر “لا يمكن أن يتحقق إلا بتحلي كافة الأجهزة المتدخلة في إنتاج العدالة الجنائية بقيم المروءة والنزاهة والأخلاق المهنية، وذلك تكريسا لمبدأ تخليق الحياة العامة، الذي يعد من التوجهات الملكية السامية، التي ما فتئ جلالة الملك يؤكد عليها في خطبه السامية”.
في هذا الإطار، سجل أن “البحث الجنائي يعتبر من ضمن الآليات القانونية التي تؤثر في العدالة الجنائية إيجابا أو سلبا، وأحد مداخل المحاكمة الجنائية العادلة التي تعد من المبادئ السامية التي أقرتها أهم المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان، وتبناها الدستور سنة 2011 وقانون المسطرة الجنائية”، داعيا المسؤولين عن هذه الأبحاث إلى ضرورة احترام الإجراءات المسطرية والشكلية المؤطرة للأبحاث لتفادي أية طعون فيها.
على صعيد آخر، وأمام اعتماد أساليب جديدة وظهور أشكال مستحدثة من الجرائم بسبب التقدم التكنولوجي والتقني، سجل السيد الداكي أنه أصبح لزاما على الأشخاص المكلفين بالأبحاث الجنائية والمشرفين على سيرها مواكبة هذا التطور من خلال تحسين مهاراتهم وقدراتهم في مجال الأدلة العلمية والرقمية والخبرات التقنية، مذكرا بأن القضاء المغربي أصبح يعتمد في العديد من أحكامه على الدليل العلمي لإثبات بعض الجرائم.
ويشارك في هذه الدورة التكوينية، المنظمة بمبادرة من رئاسة النيابة العامة بشراكة مع المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الملكي، المسؤولون القضائيون عن النيابات العامة ونوابهم وقضاة التحقيق بالدوائر القضائية لمحاكم الاستئناف بالرباط والقنيطرة وطنجة وتطوان والحسيمة، وولاة الأمن ورؤساء المصالح الأمنية والشرطة القضائية والقواد الجهويون للدرك الملكي ورؤساء السريات وضباط الشرطة القضائية الذين يعملون بالدوائر القضائية المذكورة.
وتهدف الدورة التكوينية إلى تعزيز التعاون والتواصل بين مختلف أجهزة العدالة الجنائية، وأيضا تعزيز أواصر التعاون والتنسيق الذي يجمع هذه المكونات، والتعريف بطرق تدبير الأبحاث الجنائية، وذلك بالتعرف على الضوابط القانونية المؤطرة لمحاضر الشرطة القضائية على ضوء الاجتهاد القضائي، والممارسات الفضلى في تدبير الأبحاث الجنائية، والآجال المعقولة في الأبحاث الجنائية.
ويتناول المشاركون في هذه الدورة التكوينية، الخامسة من نوعها بعد دورات فاس ومراكش والدار البيضاء وأكادير، محاور تهم تدبير الأبحاث الجنائية، وتعزيز التواصل وتكريس المبادئ والقيم الأخلاقية، والبحث الجنائي وحماية حقوق الإنسان.