بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه
السيد الرئيس الأول؛
السادة رؤساء الغرف؛
حضرات السيدات والسادة؛
يأتي افتتاح السنة القضائية هذا العام في ظل ظرفية صحية صعبة فرضتها إكراهات جائحة كوفيد 19. وهو ما يجعل تواصلنا مع المحيط متوقفاً على إجراءات الحماية والتباعد، ويقتضي من محكمة النقض لأول مرة في تاريخها مُخَاطَبَةَ المسؤولين القضائيين في جلسةٍ رسمية، عن طريق المناظرة المرئية عن بعد.
ولئن كانت الجائحة قد حرمتنا من التواصل المباشر بالعديد من الشخصيات، والكثير من زملائنا القضاة، في مناسبةٍ ذات رمزية كبرى مثل هذه، فإنكم حضرات السيدات والسادة الذين شرفتمونا بحضوركم في هذه القاعة، وكذلك الذين تتابعون هذه الجلسة الرسمية عن بعد، تعطون بِهذا الحضور وهذه المتابعة رسالة قوية لدعم استقلال القضاء وتقدير جهود الفعاليات المنتمية لمنظومة العدالة. ولذلك فإنني باسمي وباسم كافة قضاة النيابة العامة، أعرب لكم عن جزيل الشكر وعميق الامتنان وصادق المودة والتقدير. وأرحب بكم وأشد على أيديكم بحرارة. داعياً الله أن يرفع عن عباده هذا الوباء لننعم بلقياكم من جديد في ظروف اعتدنَاها فيما مضى من الأيام.
السيد الرئيس الأول والسادة رؤساء الغرف؛
حضرات السيدات والسادة؛
لئن كانت السنة المنصرمة قد أدت إلى تأثر مختلف دول العالم سلبياً، ومن بينها بلادنا، فإن الجائحة قد أبانت مرة أخرى عن انفراد النموذج المغربي في مختلف تجلياته الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والأخلاقية، بريادة جلالة الملك المنصور بالله، الذي وقف في المقدمة كعادة جلالته في مواجهة الأزمات والأحداث الكبرى. ومكنت سياسته الرشيدة وتعليماته الحكيمة من توجيه السلطات العمومية إلى تبني حلول رائدة، واتخاذ إجراءات فعالة. مما مكن بلادنا من اجتياز فترات الطفرة التي عرفها العالم، بأقل الخسائر. كما أن الشعب المغربي تفاعل بكل تلقائية مع المبادرات الملكية، وأبان عن وعي جماعي نادر، سواء في احترام الإجراءات الحاجزية والتفاعل الإيجابي مع مقررات السلطات المختصة، أو من خلال المساهمة في الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كرونا، الذي أمر جلالة الملك بإنشائه. أو من خلال المبادرات الجمعوية لمساعدة الفئات الهشة والأشخاص المحتاجين، والتي تمت بشكل حضاري أنيق، وصل لحد تسليم المساعدات للمحتاجين في إقاماتهم في انضباط للقانون وتكثم توصي به التعاليم الإسلامية السمحة والأخلاق المغربية المتوارثة.
كما أن الجائحة لم تحل دون نجاح الديبلوماسية الملكية على صعيد توطيد وحدتنا الترابية، والحصول على دعم دولي لقضيتنا الوطنية الأولى. كما تجلى ذلك من خلال الاعتراف بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية من طرف عدة دول وفتح قنصليات أجنبية بالعيون والداخلة. وهي مناسبة أخرى تدعونا لتقديم الشكر والامتنان لجلالة الملك، الذي يقود بلادنا بحكمة واتزان ووثوق وحزم. مما يجعلها مضرباً للمثل في عدة مبادرات. وهي أيضا فرصة للتأكيد على وقوفنا وراء جلالته في كل المبادرات التي يتخذها أو يأمر بها.
السيد الرئيس الأول والسادة رؤساء الغرف؛
حضرات السيدات والسادة؛
لقد شكلت جائحة كوفيد سارس 19 امتحاناً صعباً لمؤسسات العدالة في بلادنا على غرار الكثير من القطاعات الأخرى التي تأثرت بها سلبياً بالمغرب وبأغلب دول العالم. ولذلك فإن سنة 2020 كادت تكون سنة بيضاء بالنسبة للمحاكم، التي اضطرت في فترة الحجر الصحي إلى توقيف أغلب أنشطتها حماية للمتقاضين ولمهنيي العدالة. حيث اقتضت التدابير الوقائية التزام البيوت خلال فترة الحجر الصحي منذ أواخر شهر مارس إلى غاية شهر يوليوز، بشكل شبه كلي. وهو ما استدعى اللجوء إلى وسائل استثنائية لتصريف القضايا الضرورية. ولاسيما عقد جلسات المعتقلين عن طريق المناظرة المرئية عن بُعْد. وهي مناسبة لأن أتوجه باسم النيابة العامة إلى السيد وزير العدل بالشكر والامتنان على سرعة الاستجابة، ودقة التنفيذ. مما مكن قاعات المحاكم من التوفر على التجهيزات المناسبة في بضعة أسابيع. مع الاستمرار في تحسين جودتها لضمان شروط المحاكمة العادلة، التي تتيح الوجاهية والحضورية بين الأطراف المتواجدة في قاعة الجلسات بالمحكمة وفرعها الموجود بالمؤسسة السجنية. كما أشكر السيد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج الذي عمل على توفير وتجهيز القاعات والمساعدة في الأمور التقنية والمادية الضرورية لعقد الجلسات عن بعد. وهو ما مكن المحاكم أن تبت ما بين تاريخ 27 أبريل 2020 تاريخ أول جلسة عن بعد، ومتم السنة في ما مجموعه 88.079 قضية تهم معتقلين، مثلوا أمام المحكمة عن بعد حوالي 267.200 مرة. قد تم الإفراج على حوالي 8.000 معتقلا مباشرة بعد الجلسات )7.785( لأسباب مختلفة؛ كانوا سيظلون رهن الاعتقال لو لم تعقد جلساتهم بهذه الطريقة.
والجدير بالذكر أن هذه المحاكمات التي تتم بموافقة من الأطراف ودفاعهم، تحترم كل شروط المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ولاسيما الحضورية والوجاهية بين الأطراف.
والشكر بهذا الصدد، موصول كذلك للقضاة الذين أداروا تلك الجلسات بحنكة واقتدار. ولأعضاء الدفاع الذين شاركوا في مناقشة القضايا بكثير من المهنية والدقة. وهو ما سمح بتوقف نسبة المعتقلين الاحتياطيين على نسبة 45% من مجموع الساكنة السجنية. ورغم ارتفاع هذه النسبة مقارنة بنسبة 39% المحققة سنة 2019، وتجَاوُزِها بكثير للأهداف المرجوة في ميثاق النجاعة الرامي إلى تحقيق نسبة 35%. إلاّ أنه يجب ألاَّ يغرب عن الذهن أنه لو لا استعمال تقنية المحاكمة عن بعد، لما تمكنت المحاكم من البت في قضايا أكثر من مائة ألف معتقل بسبب استحالة نقلهم إلى المحاكم امتثالاً لتدابير الوقاية والحماية التي قررتها السلطات العمومية، حفاظاً على الصحة العامة لعموم الأشخاص في الوطن، ومن بينهم الأشخاص المعتقلون.
ومن جهة أخرى، فإن رئاسة النيابة العامة، قد عملت منذ الأيام الأولى لإقرار الحجر الصحي على وضع برمجيات معلوماتية لتلقي شكايات المواطنين دون ضرورة التنقل للمحاكم. وقد تم الاهتمام بصفة خاصة بشكايات العنف ضد النساء التي لوحظ ارتفاعها على المستوى العالمي خلال فترات الحجر الصحي، التي تم إقرارها في العديد من دول العالم. وبالفعل فقد تمكنت النساء من التبليغ عن هذه الأفعال بواسطة عدة منصات رقمية وهاتفية تم وضعها خصيصاً لهذه الغاية. ولئن كان الشهر الأول من الحجر الصحي قد سجل فقط 148 متابعة من أجل العنف ضد النساء، فإن عدد المتابعات التي أقيمت خلال فترة الحجر الصحي المتراوحة بين 20 مارس و30 يونيه 2020 ناهز 1.568 متابعة بسبب العنف ضد النساء. أي بمعدل 466 متابعة كل شهر. وهو رقم يظل أقل من الأرقام المسجلة في الفترات العادية التي توازي حوالي 1.500 متابعة شهرياً. وستسنح الفرصة إن شاء الله، من خلال التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة، لتقديم معطيات مدققة عن هذا الموضوع وغيره من الاجتهادات التي تم استعمالها لتمكين المواطنين وعموم المتقاضين من الولوج الميَسَّر للعدالة وتتبع قضاياهم لدى النيابة العامة وكذلك لاستعراض نشاط النيابة العامة. والجهود المبذولة من طرف رئاستها في مجالات التأطير والتكوين، وتنظيم سير المهام وتنفيذ السياسة الجنائية، وكذا أنشطتها في مجال الديبلوماسية القضائية والتعاون الدولي. بالإضافة إلى التركيز على موضوعات هامة لمحاربة الفساد وحماية الحقوق والحريات. وكذا المجهود الجبار الذي بذله قضاتها في مجال تطبيق التدابير المتخذة من طرف السلطات العامة للوقاية من فيروس كوفيد 19.
ومما يجدر ذكره أن تدبير القضايا خلال فترة الحجر الصحي قد عرف مستوى لا يستهان به من النجاح، بفضل التنسيق بين السلطات والمؤسسات العدلية، ولاسيما المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ووزارة العدل وجمعية هيئات المحامين. وكذلك بفضل انخراط موظفي المحاكم وضباط الشرطة القضائية والمفوضين القضائيين والهيئات المهنية الأخرى، التي لم يَدَّخر المنتسبون إليها أي جهد لتقديم خدماتهم بالشكل الملائم للمرحلة، وفي احترام تام للتدابير الحمائية التي أقرتها السلطات العمومية المختصة.
السيد الرئيس الأول والسادة الرؤساء؛
حضرات السيدات والسادة؛
لم تَسْلم العدالة من التأثيرات السلبية لجائحة كوفيد المستجد خلال َالسنة المنصرمة، حيث حُرِم المواطنون لعدة أشهر من العديد من الخدمات القضائية التي لم يتَيَسَّر قضاؤُها عن بعد. قبل أن تعود المحاكم إلى فتح أبوابها بشكل تدريجي ابتداء من شهر شتنبر، في إطار صارم من التمسك بالقواعد الحمائية المقررة. وبطبيعة الحال فإن الإحصائيات أبانت عن وجود انخفاض في عدد القضايا وتأخرٍ في آجال البت بالنسبة لبعضها. ولكن رغم ذلك، فإن المحاكم قد بذلت جهوداً جبارة للقيام بمهامها متحدية ظروف الجائحة وإكراهاتها المختلفة، مما أدى إلى تحقيق نتائج لا بأس بها في الظاهر، ولكنها جيدة في العمق، إذا تَم الأخذ بعين الاعتبار توقف المحاكم شبه الكلي عن العمل خلال أربعة أشهر على الأقل بسبب الحجر الصحي، والإكراهات الواقعية التي صاحبت استئنافها لمهامها في الربع الأخير من السنة، المرتبطة بالتدابير الاحترازية التي تفرض التقليص من عدد القضايا المدرجة بما يلائم إمكانيات استقبال أطرافها في ظروف تتناسب مع التدابير الوقائية المقررة من طرف السلطات العمومية.
وهكذا سجلت المحاكم خلال سنة 2020 : 2.738.107 قضية جديدة بانخفاض يوازي 10.83% عن سنة 2019. كما تمكنت من إصدار أحكام في 2.600.240 قضية. وهو رقم يقل عن سنة 2019 ب 16% . ورغم ذلك فإن نسبة المحكوم بالنسبة للقضايا المسجلة ناهزت 95%، أي ناقص 6 نقط فقط عن سنة 2019 التي عرفت نسبة أحكام تجاوزت 101% من المسجل.
وعلى مستوى محكمة النقض فقد استطاعت غُرَفُها البتَ في 40.561 قضية، متجاوزة العدد المسجل في القضايا بها. حيث زاد المحكوم عن المسجل ب 22%. وهو رقم يسجل لأول مرة بالنسبة لإنتاج محكمة النقض. حيث إن ظروف الجائحة أدت إلى انخفاض عدد القضايا المسجلة من 51.591 في سنة 2019 إلى فقط 31.448، أي بنسبة انخفاض توازي 38%. بينما بلغ عدد القضايا المحكومة 40.561 قضية أي ناقص 6.000 حكم عن سنة 2019. أي بنسبة انخفاض 12%.
ومن جهة أخرى فإنه نظراً لتوقف الجلسات بمحكمة النقض خلال فترة الحجر الصحي، فإن عدد قضايا المعتقلين الاحتياطيين قد ارتفع من 1.156 مخلفة عن سنة 2019 إلى 1.381 قضية لم يبت فيها خلال سنة 2020، أي بزيادة 19%. وذلك رغم أن المحكمة استطاعت أن تبت في 2.577 قضية. وهو رقم يقترب من العدد المسجل الذي ناهز 2.650 قضية تخص معتقلين احتياطيين.
وقد كان لانخفاض القضايا المسجلة واستقرار نسبة البت نسبياً، تأثير إيجابي على الرصيد المتخلف من القضايا بالمحكمة، الذي انخفض من 50.985 ملفاً إلى 41.872، أي بنسبة انخفاض توازي 17%.
وعلى العموم يمكن القول أن جهود قضاة محكمة النقض لم تتأثر كثيراً بإكراهات الجائحة مما جعل المردود الإنتاجي للمحكمة في مستوى سنة قضائية عادية.
ومن جهة أخرى فقد تبين أن 24% من القرارات التي أصدرتها محكمة النقض لم يتم قبولها شكلا. وهو ما يطرح مرة أخرى موضوع التخصص في قضايا النقض من قبل قضاة النيابة العامة وأعضاء الدفاع.
والجدير بالذكر أنه قد كان للتكوين الذي يسرناه لقضاة النيابة العامة لدى محاكم الاستئناف نتائج إيجابية ملموسة، حيث ارتفع عدد القرارات التي استجابت فيها محكمة النقض للطعون التي قدمتها النيابات العامة من 36.67% خلال سنة 2019 إلى 39.05% خلال سنة 2020 )1.660 قرار(. وهو رقم معبر جداً، لأن نسبة الطعون المقدمة من باقي أطراف الدعوى العمومية لم تتجاوز نسبة المقبولية فيها 15.76%.
ومن جهة أخرى فإن عدد القضايا المنقوضة استقر في حدود 23.66% )9.597 قراراً( . وهي نفس النسبة المسجلة في السنة السابقة. ويستفاد من ذلك أن ما يزيد عن 76% من القضايا قد استعمل فيها الطعن بالنقض هدراً للزمن القضائي. أي أن ثلاثة أرباع القضايا المحكومة لم يقبل فيها النقض، مما يطرح التساؤلات حول جدية تلك الطعون، والهدف من استعمالها. ولاسيما ما إذا كانت تستعمل بشكل غير متزن لتأخير الحسم النهائي في بعض القضايا التي لا تتوفر منذ البداية أسباب وجيهة لنقضها. وهو ما يستدعي منّا مرة أخرى المطالبة باتخاذ إجراءات قانونية لترشيد استعماله، حتى يظل قضاء النقض مناسبة لتحسين مستوى تطبيق القانون من طرف المحاكم. وأن يتمكن قضاة النقض من التوفر على الوقت الكافي لتدقيق أحكامهم وإجادة تحريرها. ولا يتم إنهاك قدراتهم بتراكم أعداد الملفات بسبب المبالغة في الطعون.
السيد الرئيس الأول والسادة الرؤساء؛
حضرات السيدات والسادة؛
لئن كانت محكمة النقض قد أصدرت 40.561 قراراً خلال السنة، فإن النيابة العامة لديها قد أسهمت في هذا الإنجاز المحمود عن طريق تقديمها لمستنتجات كتابية في جميع هذه القضايا. وبذلك ارتفع معدل المذكرات التي حررها كل واحد من المحامين العامين إلى 1.229 مذكرة. وهو رقم مرتفع جداً لا يسمح بالتعمق في دراسة الملفات وإجادة المذكرات والمستنتجات.
ولأجل كل الجهود المبذولة لاستمرار أداء مرفق العدالة رغم إكراهات الجائحة، اسمحوا لي أن أتقدم – باسم النيابة العامة – بجزيل الشكر ووافر الامتنان لكافة قضاة المملكة وأعضاء هيئات الدفاع وأطر وموظفي كتابات الضبط وكتابات النيابة العامة والمديريات الجهوية للعدل، ولضباط وأعوان الشرطة القضائية بمختلف انتماءاتهم، والمفوضين القضائيين والخبراء، وكذلك لكافة المنتمين للمهن القضائية الأخرى، على عملهم الدؤوب وعطائهم المستمر، ولاسيما في الظروف الصعبة التي فرضتها الجائحة على بلادنا.
وأشكر بشكل خاص المسؤولين القضائيين عن النيابة العامة وكافة قضاتها، الذين كانوا وما زالوا في مواجهة مباشرة مع الوباء.
كما أشكر السيدات والسادة رؤساء الغرف والمستشارين والمحامين العامين بمحكمة النقض، ورئيسي وأطر كتابة الضبط وكتابة النيابة العامة بها، على كل الجهود التي بذلوها للحفاظ على منسوب عال لأداء العدالة بهذه المحكمة، في مستوى متميز من الجودة النوعية والنسبة الكمية.
والشكر كذلك لكافة السيدات والسادة أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية لما يبذلونه من جهود لتدبير وضعيات القضاة وحماية استقلالهم، وتتبع قضايا العدالة. وكذلك لإدارة رئاسة النيابة العامة وإدارة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، من أجل مواكبتهم المستمرة للعمل القضائي.
والشكر موصول للسيد وزير العدل ولإدارة الوزارة، على روح التعاون الواضحة، وعلى التجاوب الملحوظ الذي يقابلون به طلبات النيابات العامة. وكذلك من أجل الرغبة الأكيدة لتحسين التنسيق في مجال الإدارة القضائية، التي أصبحت تتميز بتعدد المتدخلين في أدائها. وهو ما يجعل التنسيق بينهم ضروري لمصلحة العدالة.
والشكر أخيراً واجب لكم السيد الرئيس الأول، لأجل جهودكم المستمرة لجعل محكمة النقض بحق، هرماً قضائياً شامخاً بقيمة أحكامها ودقة تعليلها. وكذلك لحسن إدارتكم وتدبيركم لشؤونها.
وقبل اختتام هذه الكلمة، ادعو بالرحمة والمغفرة لزملائنا الذين غادرونا إلى دار البقاء خلال هذه السنة، وأغلبهم لقي ربه بفعل الجائحة، ومنهم مسؤولون قضائيون وقضاة ومحامون وموظفون ومنتمون لباقي مهن العدالة. كما أدعو لعائلاتهم بالصبر والسلوان. وندعو الله جميعاً إلى رفع هذا الوباء عن عباده .. “وأيّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ” صدق الله العظيم.
وفي الأخير، ألتمس منكم السيد الرئيس الأول، أن تتفضلوا بإعطاء الإذن للسادة الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف بالمملكة من أجل افتتاح السنة القضائية بدوائر نفوذهم بمعية السيدة والسادة الوكلاء العامين للملك والسلطات والهيئات المعنية.
كما أطلب منكم دعوة السيد رئيس كتابة الضبط إلى تحرير محضر بما راج في هذه الجلسة الرسمية.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.